تُقدم سلسلة مقالات
رِحْلَةُ التَّعَلُّم
الكاتبة: نُهى عَلوي الحِبشي
الظروف الطارئة
بعد اكتشافك للتخصص الذي يوافق ميولك وقدراتك، واتخاذك لقرار السير فيه، قد يمنعك من إكمال رحلة التعلم في هذا المسار ظرف طارئ مثل:
- معدل درجاتي في المدرسة الثانوية أو في السنة الجامعية التحضيرية منخفض ولم يؤهلني للقبول في التخصص الذي أعتقد أنه يناسب ميولي وقدراتي.
- معدل درجاتي في الثانوية منخفض جدًا فلم تقبلني أي جامعة مجانية، ولا أستطيع – ولا عائلتي – دفع رسوم الدراسة في جامعة خاصة.
- لم أجد التخصص الذي أعتقد أنه يناسب ميولي وقدراتي في جامعات مدينتي، ولا أستطيع السفر إلى جامعة في مدينة أو دولة أخرى لظروف مادية أو عائلية أو صحية أو غيرها.
- يمنعني أحد والداي أو زوجي من أن أدرس التخصص الذي أعتقد أنه يناسب ميولي وقدراتي، لأسباب فكرية أو مادية أو غيرها، ولا أريد أو لا أستطيع الاستقلال عنه ماديًا أو معنويًا.
بعض الظروف السابقة نراها كأبواب مغلقة لا نملك مفاتيحها حاليًا كالظروف المادية، وبعض الظروف تفاجئنا كحجارة ضخمة هوَت من جبل فتسد طريق رحلتنا مثل الظروف الصحية، أما الظروف العائلية فهي كرفاق السفر الذين قد يؤخروننا بقدر ما قد يؤنسوننا ويرشدوننا في طريق الرحلة. ولكل ظرف طارئ طرق خاصة قد تنجح للتعامل معه بسلام، فمثلًا:
- يوجد أكثر من تخصص يناسب ميولك وقدراتك، اكتشفها كلها عن طريق القراءة والاستشارة واختبارات الميول والقدرات، بحيث إن لم تستطع دراسة أحدها تدرس الآخر.
- لا تبحث عن تخصصك في الجامعات فقط، بل أيضًا في المعاهد التقنية والمهنية ومراكز التدريب وسوق العمل، فالتعلم لا يقتصر على شهادة جامعية، بل يشمل شهادات الدبلوم والدورات وخبرات العمل الحر.
- استثمر تطور تقنيات التواصل العالمي في التعليم الإلكتروني والتعلم عن بُعد من الجهات الموثوقة.
- حاول أن تفهم أسباب مَن يمنعك مِن دراسة تخصصك، وإذا لم تقتنع بها حاول أن تقنعه بأسبابك. استخدم كل طرق الحوار والاقناع بالمنطق والعاطفة، واعرض عليه حلولاً لأسبابه وعرفه على شخص ناجح في هذا التخصص كنموذج يقنعه ويطمئنه على سلامة اختيارك.
ولا شك أن التعامل مع جميع الظروف الطارئة – المتعلقة برحلة التعلم أو بغيرها – يحتاج إلى الاستعانة بالله القادر، والتوكل عليه سبحانه نِعم الوكيل مع بذلنا الجهد والأسباب، ودعاء الاستخارة لله العليم الحكيم. فقد ييسر الله لك بعد صبرك دراسة التخصص الذي كدت تيأس منه ويبارك لك فيه، فتشعر كما شعر الإمام الشافعي:[1]
ولَرُبَّ نَازِلةٍ يَضيقُ لهَا الْفَتى ذرعاً وعِنْدَ اللَّهِ مِنْها الْـمَخْرَجُ
ضَاقَتْ فَلَمَّا اسْتَحْكَمَتْ حَلَقاتُهَا فُرِجَتْ، وَكُنْتُ أظُـنُّــهَا لا تُفْرَجُ
وقد يصرف الله عنك ما كنت تعتقد أنه التخصص الوحيد المناسب لميولك وقدراتك ويصرفك عنه، ثم يقدر لك تخصصًا آخر مناسب أيضًا لميولك وقدراتك وترضى به. وقد تتضح لك حكمة الله لاحقًا، وقد تظل في علم الغيب كابتلاء للإيمان بقضاء الله العليم الحكيم. كما قال الله تعالى في سورة البقرة:
"وَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡئًا وَهُوَ خَيۡرٌ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّواْ شَيۡـئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ (216)".
|